في الوقت الذي عمد فيه الكثير من الأهالي، هذا العام، إلى نقل أبنائهم من المدارس الخاصة إلى الرسميّة، نتيجة الإرتفاع الكبير في الأقساط في ظل الأوضاع الإقتصاديّة الصعبة، يبدو أن المدرسة الرسميّة ستكون أمام تحدٍّ جديد، حيث تكشف مصادر تربوية، عبر "النشرة"، عن تعميم صادر عن وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة يطلب فيه دمج الصفوف التي يكون فيها أقل من 10 طلاب بصفوف أخرى. أي بمعنى آخر، جمع طلاب من مستويات تعليمية مختلفة في صفٍّ واحد بسبب نقص العدد.
في هذا السياق، تكشف هذه المصادر أن "التعميم صدر في الأيام القليلة الماضية، ما دفع بعض أهالي التلاميذ إلى التراجع عن تسجيل أبنائهم في المدارس الرسمية، نظراً إلى أن هذا الإجراء غير سليم من الناحية التربوية ما قد يؤدي إلى تراجع مستوى التلميذ أكاديمياً"، مشيرة إلى أن "هذا القرار كان يطبق في السابق لكن أثبت فشله"، مستغربة العودة إليه اليوم بدل العمل على تطوير المدارس الرسمية التي باتت حاجة ملحة.
من وجهة نظر هذه المصادر، هذا التعميم أو القرار يضرّ بالمدرسة الرسمية، متسائلة "كيف سيتم تدريس طالبين من صفّين مختلفين داخل صف واحد؟ كيف يمكن دمج مستويين تعليميين مختلفين ضمن مستوى واحد"؟، لافتة إلى أنه "في هذه الحالة سيكون على الأساتذة تقسيم ساعات التدريس بين الصفّين، بحيث يكون القسم الأول لطلاب الصف الأول والقسم الثاني لطلاب الصفّ الثاني".
وفي حين توضح مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن بعض المدارس الرسمية ترفض تطبيق هذا القرار، تلفت إلى أنه "عند مراجعتها المعنيين في الوزارة يطلب منها الإنتظار إلى ما بعد العاشر من الشهر الحالي، أي تاريخ الإنتهاء من تسجيل الطلاب السوريين"، مشيرة إلى أن "السبب إقتصادي بالدرجة الأولى، حيث تريد الوزارة توفير تكاليف إستخدام الاستاذة"، موضحة أن "المتعاقدين هم الأكثر ضرراً من هذا القرار".
في هذا الإطار، تؤكد مصادر من لجنة الأستاذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي، عبر "النشرة"، أنه "في بعض الحالات، خصوصاً في صفوف الروضات، هناك دمج لثلاث صفوف معاً، أي أنه يتم تدريس 3 مستويات في الوقت عينه"، مشيرة إلى أن "الضرر يلحق بالأساتذة من خلال إنخفاض عدد ساعات التدريس، وبالتالي تراجع البدل المادي الذي يحصلون عليه".
وتشدّد هذه المصادر على أن "هذا الأمر سيشكل ضغطاً نفسياً على جميع الأساتذة، بالإضافة إلى الخسارة الماديّة التي ستلحق بالمتعاقدين بشكل خاص، كما أن التلاميذ سيتأثرون بشكل سلبي".
من جانبها، توكد مصادر في وزارة التربية، عبر "النشرة"، أن النظام الداخلي يتحدث عن الدمج في حال كان هناك أقل من 15 طالباً في الصف، وتضيف: "لا نسعى إلى الدمج، لكن لا يمكن أيضاً فتح صفوف في مدرسة من أجل 3 أو 4 طلاب، لأن الكلفة الماليّة عندها ستكون كبيرة، وبالتالي من الممكن ضم هؤلاء إلى مدارس مجاورة".
بالنسبة إلى حالات الدمج بين طلاب من صفّين مختلفين، توضح المصادر نفسها أنه إذا كان هناك 3 طلاب في الصف الأول و4 طلاب في الصف الثاني يمكن دمجهم في صف واحد، على أن يعطى لهم برنامجاً مشتركاً أو البرنامج الخاص بكل صفّ، لافتة إلى أن هناك فارقاً بين أن يكون الاستاذ يعطي درساً لما يقارب 30 طالباً، وأن يعطي ما يشبه الدرس الخاص لمجموعة صغيرة من التلاميذ، مؤكدة أن هذا الدمج لا يحصل في الصفوف العالية بل في الحلقتين الأولى والثانية، ولا يؤثر على الطالب من الناحية التربوية.
من وجهة نظر هذه المصادر، هذا الموضوع يُثار من قبل بعض الأهالي ليكون لهم إمكانية تسجيل أبنائهم، لا سيما النازحين السوريين، مع العلم أن هناك إمكانية لتدريسهم بعد الظهر من دون أن يكون هناك أعباء ماليّة على الدولة، مشددة على أنها ليست حالات عامة بل قليلة، مؤكدة أن هذا القرار ليس بالجديد بل كان يصدر قراراً مماثلاً له في السنوات السابقة، لكنها تشير إلى أن بعض المدراء كانوا يخالفون ما يرتّب أعباء، لافتة إلى إعتراضات أخرى من قبل بعض الذين يريدون فتح صفوف من أجل التعاقد، ومن قبل مدراء مدارس دبّ فيهم القلق من إحتمال إغلاق مدارسهم، مضيفة: "في حال كان لدى أحد المدراء 20 أو 25 طالبا في جميع الصفوف، يعمد إلى تسجيل الطلاب السوريين كي لا تغلق المدرسة ويخسر موقعه، بينما المطلوب الإلتزام بالقوانين".